فالمسلمون وهـم مـوف ومجــترح   والمجرمـون بنهك مـنهم انـفصـلا

إنتقل إلى

 

الملة الأولى هي ملة المسلمين وهم الذين عبر الله تعالى عنهم بقوله { ان الذين آمنوا} فالمسلمون هم ملة وهم ينقسمون الى موف ومؤد للواجبات التي فرض الله سبحانه وتعالى عليه ومجترح وهم الذين أصابوا السيئات هؤلاء الذين أجترحوا السيئات وهم الذين عبر عنهم في الشطر الثاني من هذا البيت بالمجرمين هؤلاء أيضا اجرامهم واجتراحهم للسيئات يأتي على طريقين لأنهم اما أن يكونوا منتهكين الذين عبر عنهم الناظم بقوله والمجرمون بنهك منهم انفصلا وهم الذين انتهكوا فهؤلاء المنتهكون سيأتي حكمهم في البيت التالي ويعني بأن المجرمين ينقسمون الى قسمين : اما أن يكونوا منتهكين واما أن يكونوا مستحلين .
وأحكام الألى انتهكوا أي أحكام الذين انتهكوا الموبقات أي ارتكبوها وهم يدينون بأنها محرمة كالذي سرق وهو يدين بأنها محرمة ويزني وهو يدين بأن الزنى محرم ويأتي الموبقات على اختلاف أنواعها وهو يدين بأنها محرمة هؤلاء الذين انتهكوا حكمهم أن يرجعوا كل ما صابوا وان جزلا حكمهم أن يرجعوا كل ما أصابوا كل ما أخذوا من أموال المسلمين بغير حق عليهم أن يردوا ذلك الى أصحابه فلو سرق أحد منتهكا عليه أن يرد هذه السرقة ولو اغتصب مالا منتهكا عليه أن يرد ذلك ولو ارتكب فجا حراما منتهكا عليه أن يرد ذلك وهلم جرا في كل الاشياء المنتهكة عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذنب ذنبان : ذنب بين العبد وربه وذنب بين العبد وصاحبه فأما الذنب الذي بين العبد وربه فمن تاب منه كمن لا ذنب له والذنب الذي بين العبد وصاحبه فلا توبة منه حتى يرد المظالم فلا بد من أن يرد المظالم لتتحقق التوبة لأن رد المظلمة شرط من شروط صحة التوبة هذا اذا كان مرتكب تلك المظلمة منتهكا .
واما المستحلون فهم بخلاف ذلك وسكت هنا عن أحكام المستحلين وذكر أحكام المنتهكين فقط لأجل فهم لحكم حكم المستحل من خلال ذكره لحكم المنتهك فالمستحلون هم الذين يأتون المعاصي وهم يعتبرون أنها حلال ولكنهم لا يصادمون النصوص هكذا من غير تأويل بل يتأولون النصوص فلا يزنون وهم يعتبرون أن أصل الزنى حلال .. لا ولا يسرقون وهم يعتبرون أن أصل السرقة حلال ولا يغصبون المال المحرم وهم يعتبرون أن نفس الغصب هو حلال لا ولا يقتلون النفس المحرمة وهم يعتبرون أن نفس القتل حلال لا ولكنهم يعتبرون في ذلك الشيء الذي فعلوه يعتبرون حليته تأولا لشيء من آيات الكتاب أو شيئا من أحاديث رسول الله أو اجماع السلف الصالح ومن أمثلة ذلك الخوارج الذين يقاتلون أهل التوحيد ويستحلون دمائهم ويستحلون سبي ذراريهم ويستحلون غنيمة أموالهم فهؤلاء الخوارج الذين يستحون لا يستحلون هذه الأشياء وهم مصادمون النصوص وانما يتعلقون بتأويل يتشبثون بتأويل فيتعلقون بتأويل قول الله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق وان الشياطين ليوحون الى أوليآئهم ليجادلوكم وان أطعتموهم انكم لمشركون } فيتأولون قول الله تعالى { وان أطعتموهم انكم لمشركون } أي ان اطعتموهم في أكل الميتة بينما الجمهور يحملون هذه الآية الكريمة وان أطعتموهم اي ان أطعتموهم في استحلال أكل الميتة بدليل أن الله تعالى قال : {وان الشياطين ليوحون الى أوليآئهم ليجادلوكم } كيف هذاالجدال ؟ ... الجدال كان من قبل الكفار كفار قريش كانوا يجادلون المسلمين يقولون : أنأكل ما قتلنا ولا نأكل ما قتل الله ؟ أي أنأكل ما ذبحناه ولا نأكل ما مات حتف انفه وكان هذا بايحاء من اليهود وهم الذين أوحوا الى كفار قريش ليجادلوا المسلمين بهذا فالله تعالى يقول للمسلمين وان اطعتموهم في هذا الاستحلال حيث اعتبرهم ما يقولن حقا وهو أن الميتة حلال ان اطعتموهم في استحلال الميتة انكم لمشركون .
فالخوارج وهم الأزارقة والنجدية والصفرية حملوا هذه الآية الكريمة على أن معناها وان أطعتموهم في أكل الميتة فاستنتجوا من ذلك أن كبائر الاثم نفسها شرك والشرك يبيح قتل النفس ويبيح سبي الذرية ويبيح غنيمة الأموال فاذا أحد من هؤلاء الخوارج شارك في هذه الأشياء قاتل وسبى الذرية وغنم مالا وعندما سبى النساء استباح بعض الفروج باعتبار هذه النساء مملوكة فتسراها اذا أراد التوبة من ذلك ينظر أولا فيما تحت يده من أموال المسلمين فان كان هو مقيم على فرج حرام كان عليه أن يقلع عنه وأن يسرح تلك المرأة التي عنده وان كان في يده مال حرام عليه أن يسلم ذلك المال ويرده الى أصحابه لكن في ألأموال التي أتلفها بأي طريقة من الطرق يعذر لأجل استحلاله فلا يقال بأن عليه الضمان يعذر من الضمان وانما تلزمه التوبة لأنه أتى ذلك وهو متأول شيء منآيات الكتاب أو شيء من السنة النبوية أو شيء من اجماع اسلف الصالح هذا حكم المستحل بخلاف المنتهك المنتهك عليه أن يضمن ما أتلفه أما المستحل فعليه أن يرد ما بقي في يده وليس عليه ضمان فيما أتلفه .
ســؤال : اذا انتهك الرجل الفرج الحرام وبرضى المرأة هل يكفي اقامة الحد عليه أم أن عليه ضمانا ؟
الجواب :عليه أن يخلي سبيلها من بعد وهي ما دامت غير مستحلة وانم منتهكة يقام عليها الحد اما هو اذا تاب وهو مستحل وتاب بعد ماكان مستحلا وبين توبته يسكت عن كل ما مضى والمنتهك اذا ارتكب الفرج الحرام ينظر في طريقة الارتكاب فان ارتكب غصبا ضمن على أي حال لزمه العقر والعقر هو عشر دية البكر ونصف عشر دية الثيب يعني اذا افترع بكرا كان عليه عشر ديتها وان جامع ثيبا كان عليه نصف عشر ديتها فاذا كانت الدية الآن ألفين ونصف ريال عماني يعنى ريال عماني عليه اذا كانت بكرا وعليه نصف ذلك اذا كانت ثيبا ومن العلماء من يقول بصداق المثل يؤدي اليها داق المثل سواء كانت بكرا أو كانت ثيبا فاذا كان جامع باغتصاب وهي راضية فينظر في حالتها فاذا كانت بالغة عاقلة حرة سقط عنه العقر وبقي عليه الحد وان كانت صبية أو كانت مملوكة أو كانت مجنونة في هذه الأحوال الثلاثة عليها العقر على أي حال .


كل حكم بين المسلمين يشمل هؤلاء المنتهكين والمستحلين الا الولاية فهم ان ماتوا يدفنون في مقابر المسلمين ويصلى عليهم وفي نفس الوقت يرثون ويورثون أي لا يخرجون من الملة بسبب الانتهاك أو بسبب الاستحلال ان كانوا مستحلين بتأويل متشبثين بشيء من التأويل واما اذا لم يكونوا متشبثين بشيءمن التأويل كالذي يستحل الخمر الصراح أو يستحل الزنى الصراح أو يستحل السرقة هذا يعتبر مصادم للنص ففي ثل هذه الحالة يعتبر مشركا خارجا من ملة الاسلام لكن اذا كان متشبثا بالتأويل كما تفعل الخوارج المتشبثة بالتأويل أو كما يفعل غيرهم من الناس المتشبثين بالتأويل على أي حال هؤلاء الناس لهم جميع ما للمسلمين من أحكام من توارث وتزاوج وصلاة عليهم عندما يموتون ودفنهم في مقابر المسلمين الا الولاية يحرمون الولاية وحدها لأن الولاية لا تكون الا للموفي العبد الصالح النزيه .