وفرزه في ثـلاث مـؤمـن ومنـــافــق وصاحب شرك جاحد عذلا

إنتقل إلى

 

يعني بذلك أن فرز الدين بثلاثة وذلك أن الناس ينقسمون بحسب النظر الى حالتهم الدينية الى ثلاثة أقسام : مؤمن ومنافق ومشرك.
فالمؤمنالذي آمن بالله ربا وبمحمد صل الله عليه وسلم رسولا وبالقرآن كتابا هاديا وبكل ما جاء به محمد عليه أفضل الصلاة والسلام دينا قيما وذلك أن يتبع الاسلام ويصدق القول بالعمل ويقرن الاعتقاد بالفعل هذا هو الايمان والله سبحانه وتعالى يقول { انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم ءاياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم } ويقول تعالى { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون الذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى ورآء ذلك فأولئك هم العدون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ويقول تعالى انما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله } وجاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محددة معاني الايمان وشارحة حدوده وموضحة أحكامه من ذلك قوله علي أفضل الصلاة والسلام الايمان بضع وستون شعبة أعلاها كلمة لا اله الا الله وأدناها اماطة الأذى عن الطريق ويقول صلى الله عليه وسلم لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ويقول صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده ويقول صلوات الله وسلامه عليه ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه الا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكر أن يقذف في النار ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام الايمان بضع وستون شعبة وفي رواية بضع وسبعون شعبة أعلاها كلمة لا اله الا الله وأدناها اماطة الأذى من الطريق حتى اماطة الأذى من الطريق كانت جزاء من أجزاء الايمان وهذا يدل على أن الايمان ليس مجرد القول وليس مجرد الاعتقاد وانما هو معهما فعل مطابق للاعتقاد الصحيح فهذا هو الايمان المطلوب وهذا الايمان الذي وعد الله سبحانه وتعالى عليه الجنة .
والقسم الثاني : المنافق فالمنافقون هم الذين ليسوا بمؤمنين حقا وكلمة النفاق مأخوذة من نفق اليربوع وذلك أن اليربوع يكون لبيتة بابان باب يسمى القاصعاء وهو الباب الظاهر وباب يسمى النافقاء وهو الباب الباطن فعندما يحاول أحد اصطياده من الباب الظاهر الذي هو القاصعاء يضرب برأسه الباب الخفي وهو النافقاء فيقال نافق اليربوع ونفق اليربوع فيخرج من ذلك الباب فالمنافق هكذا .
والنفاق ينقسم الى قسمين : نفاق عقائدي ونفاق عملي.
فالنفاق العقائدي :هو النفاق الذي كان في عهده صلى الله عليه وسلم والذي جاءت الآيات القرآنية شارحة لصفات أهله من ذلك قوله سبحانه { ومن الناس من يقول ءامنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون الآ أنفسهم وما يشعرون ... مثلهم كمثل الذي اسوقد نارا فلمآ أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيب من السمآء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلمآ أضآء لهم مشوا فيه واذآ أظلم عليهم قاموا ولو شآء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ان الله على كل شيء قدير } فهؤلاء هم الذين أبطنوا الكفر وأظهروا الاسلام ويقول سبحانه وتعالى فيهم { اذا جآءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان النافقين لكاذبون} الى مابعد ذلك من الآيات التي نزلت في هذه السورة التي خصت بهم فسميت سورة المنافقون وكثير من آيات القرآن الكريم المدنية جاءت شارحة للنافق من ذلك ما أنزله الله سبحانه وتعالى في صفة المنافقين بشأنهم في سورة التوبة ولذلك كان بعض السلف يسميها السورة الفاضحة لأنها فضحت المنافقين فهذا هو النفاق الاعتقادي وسمي نفاقا لأن مثله مثل اليربوع الذي أظهر بابا وأخفى بابا فهؤلاء أظهروا الايمان وكتموا الشرك وبذلك استحقوا وصف النفاق .
والنفاق العملي :هو أن يكون الانسان معتقدا أن الله سبحانه وتعالى واحد مؤمنا بما يجب به الايمان من صفات الله تعالى وأفعاله وبكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم غير أنه لا يصدق هذا بالفعل فهذا يعد منافقا والدليل على تسمية هذا الصنف منافقين أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه واحدة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يتوب منها من اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا عاهد فجر وفي رواية أخرى اربع من كن فيه فهو منافق ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق وزاد على ذلك اذا خاصم فجر فهذا دليل على أن ترك العمل بمقتضى الايمان الصحيح يعد نفاقا لأنه تملص من ذلك الايمان وخروج من باب آخر باب خفي وهو باب معصية الله تعالى .
أما القسم الثالث فهم المشركون :والمشركون هم الذين اعتقدوا معتقدات أخرجتهم من الملة كمن اعتقد أن الله سبحانه شريكا في ملكه أو أن لله تعالى ولدا أو أن الله سبحانه وتعالى غير موجود أو أنه متصف بصفة من صفات النقص كالاتصاف بالجهل أو العجز أو الحدوث أو غير ذلك تعالى الله عن كل ذلك علوا كبيرا أو كذب الله سبحانه وتعالى في حكم من الأحكام أو رد خبرا من أخباره وبالجملة فان الشرك يكون بانكار كل ما تواتر وعلم بالضرورة من أمور الدين الاسلامي الحنيف سواء كانت معرفته من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل من فعل شيئا من ذلك عد من المشركين عد خارجا من الملة ليس له ما للمسلمين وليس عليه ما على المسلمين بل هو بعيد منهم وهم بعيدون منه بينه وبينهم الخلاف والبون الساحق البعيد فعلى أي حال المشركون لا يدفنون في مقابر المسلمين ولا يصلى عليهم اذا متوا ولا يستحقون شيئا من حقوق موتى المسلمين ما عدا الدفن حتى توارى جثتهم لئلا تؤذي الناس هكذا يفرق ما بين هذه الأصناف الثلاث .