ثم الظهور ودفع والشراء مــع الـكتمان طرق له أكرم بها سـبلا

إنتقل إلى

 

هذه مسالك الدين الأربعة : وهي الظهور والدفاع والراء والكتمان وهذه لا بد منها .
أما الظهور :فهذا يعني أن يكون أمر المسلمين ظاهرا بحيث يتمكنون من انفاذ الأحكام واقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقبض على يد الظالم ونصرة المظلوم واغاثة الملهوف واجارة الضعيف وكل ما يقتضيه الدين الاسلامي من النواحي السياسية والاجتماعية هذا هو الظهور وكثيرا ما يضربون المثل لذلك بعهد الخليفتين ابي بكر وعمر - رضي الله عنهما - لأن أمر المسلمين كان في عهد هذين الخليفتين قويا ولم يكن هنالك منازع أو مشاغب ولم يكن هنالك أي شيء ينكر على هذين الخليفتين فلذلك أعتبر عهدهما هو أسمى عهود الظهور .
ثم بعد ذلك الدفاع : الدفاع هو أن يكون المسلمون في غير حالة الظهور ويكونون مطمئنين على أنفسهم من ناحية اقامة دينهم بحث يكون كل انسان مطمئنا على نفسه يقيم دينه وان لم يكن في عهد ظهور هذا من الناحية الفردية لا من الناحية الاجتماعية في هذه الحالة يباغتهم عدو يريد أن يقطع دابرهم ويبدل دينهم ويقضي على وجودهم فلا بد من أن يتفقوا على مدافعة العدو ويبايعوا شخصا على الدفاع فيكون اماما لهم للدفاع الى انقضاء تلك الفترة التي يهاجمهم فيها العدو فاذا ما استتب الأمر ووضعت الحرب أوزارها وانتهت هجمة العدو حينئذ ان تمكنوا أن ينقلبوا الى الظهور يختاروا من يختارونه اماما لأن ذلك الامام الذي بويع على الدفاع انتهت بعته في مثل تلك الحالة يبايعون من يبايعون على الظهور وتكون الحالة حالة ظهور وقد وقعت بيعة الدفاع في عهد أصحابنا في عهد الامام أبي خزر يغلا بن زلتاف الوسياني فانه بويع على الدفاع عندما هاجم أبو تميم الملك الفاطمي العبيدي الأباضية وقاتلهم وقتل امامهم أبا القاسم يزيد بن مخلد الوسياني وحاول استئصال الأباضية الموجودين في الشمال الافريقي هنا قامت قائمة الأباضية وعقدوا امامتهم على الامام أبي خزر يغلا بن زلتاف ومنهم من يعتبر عبدالله بن وهب الراسبي أيضا امام دفاع ولكن الأصح أنه امام ظهور ولم تكن بيعته موقوته .
وأما الشراء :فهو أن لا يتمكنوا من الظهور وأن لا يتمكنوا من الدفاع بحيث تكون السلطة سلطة مهيمنة قوية في مثل هذه الحالة ينبري اناس كفدائيين يداعون عن عامة المجتمع بمقاتلتهم السلطة الظالمة الباغية وذلك حدث في عهد بني أمية عندما كان السلف الصالح يقاتلونهم بطريقة الشراء وقد عقدت بيعة الشراء على الامام أبي بلال المرداس بن حدير واجتمع مع أربعين من أصحابه وأخذوا يقاتلون دولة بني أمية حتى استشهد الأربعون كلهم - رحمهم الله تعالى - واختاروا هذا العدد وهو أن لا يكون عدد الشراة أقل من أربعين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عبادته وعبادة أصحابه -رضي الله عنهم - خفية في مكة المكرمة حتى أسلم عمر - رضي الله عنه - وتم العدد باسلامه أربعين نالك خرجوا من دار الأرقم بن أبي الأرقم وأعلنوا الصلاة خارج هذه الدار فكان في ذلك دليل على أن للأربعين شأنا وأي شأن فلذلك حصر أصحابنا بيعة الشراء في الأربعين فلا يكون الشراة أقل من أربعين واذا لم يتمكنوا من مكافحتها لا بطريق الظهور ولا بطريق الدفاع ولا بطريق الشراء ففي مثل هذه الحالة يرجعون الى الكتمان وهذه الحالة هي التي كان عليها الامام أبو الشعثاء - رضى الله عنه - وتابعه عليها ايضا الامام أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي فكان الامامان يرعيان مصالح     المسلمين ويقومان بالدعوة في حالة الكتمان والكتمان كما يقال : هو الذي يتولد منه الظهور فقد تولدت بعد ذلك دولة أبي الخطاب المعافري التي تكونت عقبها دولة الرستميين وتم الظهور والحمد لله .
ستـؤال : نرجو توضيح الشروط التي ينبغي أن تتوفر في من أراد أن يشري نفسه ؟
الجواب :الشاري كلمة الشراء هي مأخوذ من قول الله تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة فالشراة باعوا نفوسهم لله يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله ويقيمون دينه فشرط الشاري أن يكون مسلما مؤمنا بالله ورسوله ورعا في دينه تقيا محبا للخير مسارعا اليه متجنبا للسيئات حريصا على مرضاة الله سبحانه وتعالى وأن يكون عنده من العلم ما يهتدي به في عبادة ربه سبحانه وتعالى وبجانب ذلك لا بد من أن يكون مقداما لا يخاف الموت في سبيل الله .
ســؤال : كيف يكون موضعه في وطنه ؟ هل هو مسافر أم مواطن في كيفية تأديته للصلاة ؟ الجواب :قبل خروجه هو كسائر الناس أما بعد الخروج في سبيل الله تعالى وعقد البيعة على الذي يختارونه من أن يكون امام شراء لهم يصلون تماما أينما يشهرون سيوفهم فاذا أشهروا السيف في أي مكان واجهوا الى عدو في أي مكان ففي ذلك المكان يتمون الصلاة .
ســؤال : اذا ما رأوا الهلاك أو بقي منهم أفراد قليلون واحد أو اثنان هل لهم أن يتراجعوا عن عزمهم هذا ؟ الجواب :قيل الشاري ليس له ذلك لأنه باع نفسه لله فليس له أن يرجع أبدا هذا قول كثير من علمائنا وقيل أن ما ألزمه نفسه ليس بأعظم مما الزمه الله اياه ولا حرج عليه ان تراجع وهذا القول هو الذي اختاره الشيخ سعيد بن خلفان - رحمه الله - في كتابه اغاثة الملهوف في السيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ســال : عند من يقول أنه لا حق للشاري أن يرجع حتى وان رأى الهلاك وبقي فردا أو معه اثنان أو واحد هل يحق له في هذه الحالة الرجوع أم يمكث في مجاهدته ؟
الجواب :عليهم أن يستمروا في مجاهدتهم وان كان فردا وهذا الذي أفتى به هلال بن عطية الجلندى بن مسعود - رحمهما الله - فعندما هاجمتهم دولة بني العباس استؤصل جيش الامام الجلندى وما بقي الا هو وهلال بن عطية وحده فاستفتى الجلندى هلال بن عطية قال له : ماذا نفعل الآن ؟ فقال له : أنت امامي فكن أمامي وعلي أن لا اعيش من بعدك فتقدم الجلندى وقاتل حتى قتل وكان خلف هلال بن عطية يقاتل ايضا حتى قتل .