ايماننا القول والتصديق مع عمل  فالقول مـر فـصدقه وكـن عـمـلا

إنتقل إلى

 

الايمان لغة : هو التصديق ومنه قوله تعالى وما أنت بمؤمن لنا وهو مأخوذ من الأمن وأصله أن المؤمن آمن محدثه تكذيبه بما يحدثه به .
    واستعمل الايمان في الشرع بمعنى العقيدة الراسخة وما يلزمها من قول وعمل وذلك معنى ما ذكره المصنف من تقسيم الايمان الى قول وعمل واعتقاد وعلى أي حال فان المقصود بالقول هو القول الذي يفيد نفاذ تلك العقيدة الراسخة في النفس ولذلك أشار الناظم الى ما تقدم أي ما سبق ذكره في جملة التوحيد وهي التي يجب التلفظ بها وهي شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فالانسانلايتخلص بدونها من أهبة الشرك ولا يدخل بغيرها في حيز الاسلام ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله والشهادة لا تكون الا بالتلفظ فالعقيدة التي في نفس الانسان وحدها لا تكفي لأن تكون شهادة لأن الشهادة انما هي تعبير باللسان عما وقر في النفس أو عما يدعي أنه صادق وفي هذه الحالة أي في حالة الاتيان بهذه الشهادة يشهد الانسان بأن الايمان بالله سبحانه وتعالى هو الحقيقة التي لا مفر منها لمن أراد اتباع الحق وسبق أن ذكر بأن هاتين الشهادتين وما يتبعهما أو يلزمهما من الايمان بصدق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم تتضمنان جميع اعتقاده من صفات الله سبحانه وتعالى الذاتية والفعلية وما بينه الله سبحانه وتعالى في كتبه من ارسال رسله وانزال كتبه ووعده ووعيده الى ما وراء ذلك من المعتقدات التى يجب أن يعتقدها العبد وبجانب ذلك فان هذه الجملة تتضمن تفسيرا عمليا ولذلك كان العمل من صميم الايمان فالتفسير العملى هو أن يأتي الانسان بما يقتضيه قول لا اله الا الله لأن قول لا اله الا الله اعتراف باللسان واعتقاد بحق أنه لا معبود بحق الا الله وهذا عه ممن يتكلم به يجب عليه الوفاء به وذلك بأن يلتزم عبادة الله سبحانه وتعالى كما شرع سبحانه فعبادة الله لا تنحصر في هذه الأشياء التي اصطلح على تسميتها عبادات كالصلاة والزكاة والصيام والحج وانما عبادة الله الخضوع المطلق لله فيعني ذلك أن يكون الذي يأتي بهاتين الشهادتين واقفا عند حدود الله راجيا فضل الله خائفا من عقابه مسارعا الى مرضاته متجنبا لمساخطه وبهذا يكون مؤديا حقيقة الايمان والدليل على أن الايمان قول وعمل ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى من التعبير عن الأفعال بكلمة الايمان فالله يقول {وما كان الله ليضيع ايمانكم } أي ليضيع صلاتكم وكذلك ما وصف الله تعالى به المؤمنين من الأمور العملية فالله تعالى يقول { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عم اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين } فهذه هي صفة المؤمنين ويقول سبحانه وتعالى { انما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } ويقول سبحانه { انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } ويقول الله سبحانه وتعالى مبينا أن صاحب الايمان الحق لايصر على كبيرة ولا يجترىء على كبيرة من كبائر الاثم خصوصا اذاما كانت هذه الكبيرة مثل سفك الدم يقول الله سبحانه وتعالى { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطئا } يعني أن المؤمن لا يتعمد قتل المؤمن وهذا يعني نفي الايمان عمن تعمد قتل المؤمن ومثل ذلك يقال في بقية الكبائر وجاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا المعنى فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول الايمان بضع وستون شعبة وفي رواية بضع وسبعون شعبة أعلاها كلمة لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره جائع ويول صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وهذا دليل على أن الايمان هو عقيدة راسخة في النفس وتلفظ باللسان بما يؤكد تلك العقيدة وعمل بالأركان بما تقتضيه من طاعة الله سبحانه وتعالى هذه هي حقيقة الايمان الشرعية وقد جاء ذلك مرويا عن كثير من علماء السلف ولو قال قائل ان سلف هذه الأمة مجمعون على ذلك لما أخطأ وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن أبي القاسم اللألكائي أنه روى باسناده الى البخاري أنه أدرك نحو ألف من سلف هذه الأمة من العلماء الأجلاء يقولون ان الايمان قول وعمل فالذي يخالف مقتضى العقيدة بعمله لا يعتبر مؤمنا كامل الايمان لأن الايمان الكامل هو الوفاء التام بما أمر الله سبحانه وتعالى به والله أعلم .